مادة الغرافين هي مادة أقوى من الفولاذ 200 مرة، وأخف من الورق، وغالبًا ما يُشار إليها باسم المادة العجيبة، إلا أن الكثيرون لا يعرفون فيما تُستخدم هذه المادة.
وقد تم تقديم مادة الغرافين في مؤتمر MWC الماضي في برشلونة، حيث تم عرض حوالي 25 مشروع بحثي يعتمد على الغرافين في جناح Graphene Pavilion، والتي شملت الروبوتات والأجهزة القابلة للارتداء.
في السنوات القادمة سيتم طرح بعض هذه التطبيقات تجاريًا، وسنبدأ في رؤية الغرافين في الهواتف والأجهزة القابلة للارتداء وغيرها من التقنيات.
الغرافين عبارة عن طبقة رقيقة من ذرات الكربون النقي بداخل شريحة بتصميم يُشبه قرص عسل النحل، وهي مادة غير مُصنعة لكن يتم استخراجها من الجرافيت، وهي عملية نجح العلماء في تطويرها في عام 2004. والنتيجة هي مادة ثنائية الأبعاد تحتوي على عدد من السمات غير العادية والمطلوبة، بما في ذلك كونها رقيقة بشكل غير عادي وقوية ومرنة.
وكان قد تم عزل الغرافين لأول مرة في أوروبا، واقتناع الاتحاد الأوروبي بقدرته على أن يكون أساس المبادرة البحثية الأكبر للاتحاد. ويهدف برنامج Graphene Flagship الذي تبلغ تكلفته مليار يورو، والذي استضاف جناح Graphene Pavilion، إلى إيجاد الطرق التي يمكن بها تقديم المادة في السوق. وهذه هي بعض الاستخدامات المتوقعة لمادة الغرافين في المستقبل:
الهواتف الذكية
في السنوات القادمة من المتوقع أن تكون مادة الغرافين مسؤولة عن بعض التحسينات المهمة في تكنولوجيا الهواتف، فبالإضافة لكونها مرنة بما يكفي لوضعها في هواتف قابلة للانحناء على شكل هوائيات أو شاشات تعمل باللمس، فإن لديها إمكانات هائلة لتحسين البطاريات.
يمكن بناء الغرافين في البطاريات نفسها لتحسين تخزين الطاقة والأداء على المدى الطويل، ويمكنها أيضًا تسريع نقل الطاقة بين مصدر طاقة وبطارية بشكل كبير. وهو يعمل كنوع من الطرق للشحن السريع، مما يسمح للطاقة بالمرور بسرعة كبيرة، حتى يعتقد الباحثون أن بإمكان هذه المادة شحن الهاتف في غضون 7 ثوان.
وأوضح “كاري هييلت” رئيس قسم الابتكار في برنامج Graphene Flagship إن الأمر سيستغرق أقل من سنتين لتصل هذه التكنولوجيا للهواتف، وأضاف أنهم مندهشون عن مدى التطور الذي حققته هذه المادة في 14 عام، وأنه يمكن استخدامها في العديد من المجالات بطرق مدهشة.
وكانت شركة Ericsson قد استخدمت الغرافين في عرضها التجريبي لشبكات 5G.
الروبوتات
أحد الإمكانيات البيولوجية الطبية المحتملة لمادة الغرافين هو استخدامها في تحسين الأطراف الاصطناعية، فمن خلال دمج أجهزة الاستشعار العصبية المعتمدة على الغرافين في الجزء العلوي من الأطراف، يمكن للشخص الشعور والاستجابة للتقلصات والحركات الأخرى في العضلات، مما قد يُساعد على التحكم في حركة وقوة الطرف الصناعي الروبوتي.
بالإضافة إلى كون هذه المادة خفيفة فأن الغرافين تستجيب بسرعة للضغط، مما يضمن الحركة الطبيعية والسيطرة لمرتديها. ويمكن أن تساهم في جعل الأطراف الاصطناعية المستقبلية أكثر راحة واستجابة من أي وقت مضى.
تحديد المواد الغذائية
بسبب قدرة الغرافين على امتصاص الضوء عند كل طول موجي تقريبًا فأنه يمكنها الكشف عن الأشعة فوق البنفسجية والمرئية والأشعة تحت الحمراء باستخدام نفس مستشعر الصورة.
تستطيع كاميرا الغرافين الضوئية ذات الطيف الواسع رؤية التفاصيل غير المرئية للعين البشرية، وقد تم عمل عرض توضيحي ظهر فيه قدرة المادة على التفريق بين ثلاثة أنواع مختلفة من الحليب وهما حليب الأرز والحليب البقري وحليب اللوز، والتي تبدو كلها متشابهة.
ما سيُتيح إمكانية معرفة ما إذا كان الطعام آمن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية من خلال كاميرا هاتفهم.
تقنيات الأجهزة القابلة للارتداء
مادة الغرافين مرنة جدًا، ما يجعلها مثالية لتقنيات الأجهزة القابلة للارتداء. حيث قام باحثون من معهد العلوم الضوئية في Institute of Photonic Sciences إسبانيا بدمج الغرافين في لاصقة بالأشعة فوق البنفسجية ملحقة بالجلد مثل التقنيات التي قد تساعد في الإسعافات الأولية. وكانت طبقة الغرافين الموجودة بالداخل حساسة للغاية ويمكنها قياس معدل ضربات القلب وأكسجين الدم على الجلد بالإضافة إلى نسبة التعرض للأشعة فوق البنفسجية، مما يوفر نظام مصغر لمراقبة الصحة.
كما يمكن إضافة مادة الغرافين إلى الأحذية الذكية للحصول على مزايا تشمل الاستشعار والتبريد والقوة. حيث يمكن لنعل مزود بالغرافين موجود في جامعة كامبريدج مراقبة توزيع الضغط لعلاج القدم والأداء الرياضي.
واجهات لمسية جديدة
طبقات الغرافين رقيقة جدًا وهي تكاد تكون غير مرئية للعين البشرية، وقد تم عرض استخدامها في بناء شاشة تبدو شفافة وتستخدم للسيطرة على سيارة لعبة عن طريق اللمس بجناح Graphene Pavilion، وهو أحد الأمثلة الذي يوضح كيفية بناء الواجهات المستقبلية في مواد مختلفة مثل الزجاج أو القماش.
وقد أوضح مفوض الاتحاد الأوروبي “أندروس أنسيب” في مدونة بعد زيارته لجناح Graphene Pavilion أن إمكانيات المادة تبدو بلا نهاية، وأنه قد فوجئ بمدى نجاحها ومدى توجيهها نحو المستهلك.